يحلل دانيال سويفت في مطلع هذا المقال المشهد المعقّد الذي تتقاطع فيه سياسات المياه والطاقة والأمن في القرن الأفريقي، ويكشف كيف يقود تصاعد الخلاف بين مصر والسودان من جهة وإثيوبيا من جهة أخرى إلى تقويض التعاون العسكري الضروري لاحتواء حركة الشباب المرتبطة بالقاعدة، ويشير إلى أن هذا التنظيم يستفيد من أي شرخ إقليمي كي يوسّع نفوذه ويعزز طموحاته العابرة للحدود.

 

توضح مجلة ذا ناشيونال إنترست في الفقرة الثانية أن النزاع حول سد النهضة الإثيوبي الكبير يبدّل معادلات القوة التاريخية المرتبطة بنهر النيل، ويضع الشركاء في قوات حفظ السلام أمام اختبارات صعبة تهدد فعالية العمليات المشتركة ضد الجماعات المتطرفة، كما تبرز خطورة تجاهل واشنطن لهذا الملف رغم تأثيره المباشر في أمنها القومي.

 

سد النهضة ومعركة السيطرة على النيل

 

يسيطر السد الإثيوبي الجديد على تدفق أكبر روافد النيل، ويمنح أديس أبابا نفوذاً غير مسبوق بعد عقود من اتفاقيات استعمارية رجّحت كفة القاهرة والخرطوم. تسعى إثيوبيا إلى تحقيق نمو اقتصادي وتوفير الكهرباء لملايين المواطنين، بينما تنظر مصر والسودان إلى المشروع كتهديد وجودي نظراً لاعتمادهما شبه الكامل على مياه النهر. تعلن القاهرة مراراً رفضها لأي خفض في حصتها، وتكشف تصريحات سابقة عن استعدادها لاتخاذ خيارات عسكرية، ما يزيد هشاشة الوضع الإقليمي ويغذي مناخ التوتر.

 

تواصل إثيوبيا تمويل المشروع داخلياً لتقليص التدخل الخارجي، وتفرض أعباء مالية على الاقتصاد المحلي عبر توجيه المدخرات وتمويل البنية التحية بوسائل استثنائية، غير أن القيادة ترى في السد رمزاً للسيادة وأداة ضغط استراتيجية في مواجهة الجيران.

 

الشباب تستغل الشروخ الإقليمية

 

تنشط حركة الشباب انطلاقاً من معاقلها في الصومال، وتوسّع عملياتها ضد أهداف محلية وغربية، وتظهر تقارير أمنية طموحها لتنفيذ هجمات كبرى ضد الولايات المتحدة. يعتمد احتواء هذا الخطر على تعاون إقليمي تدعمه قوات حفظ سلام تضم مصر وإثيوبيا، غير أن تصاعد الخلافات حول المياه يقوّض التنسيق ويخلق فراغات تستغلها الجماعة لتكثيف نشاطها وتوسيع شبكاتها المالية.

 

تفسر عواصم في المنطقة نشر قوات مصرية في الصومال باعتباره جزءاً من صراع نفوذ يهدف إلى موازنة الطموحات الإثيوبية في الوصول إلى موانئ بحرية، بينما تؤكد تقارير أخرى أن المهمة تندرج ضمن مكافحة الإرهاب. في كلتا الحالتين، تتزايد المخاطر مع تراجع الثقة بين الشركاء، ما يضع العمليات المشتركة على المحك.

 

دور واشنطن والخيارات الممكنة

 

تبدي واشنطن حذراً ملحوظاً في التعاطي مع الأزمة، وتتجنب نقاشات صريحة حول السد رغم انعكاساته على أولويات مكافحة الإرهاب. يحذر التحليل من أن موقفاً سلبياً يسمح لقوى أخرى بصياغة النتائج، ويقترح مساراً أكثر فاعلية يقوم على رعاية اتفاق ملزم لتقاسم المياه يحدّد قواعد إدارة الجفاف ويضمن حدّاً أدنى من التدفقات، مع إنشاء آليات تسوية نزاعات واضحة.

 

يربط الطرح بين تسهيل وصول إثيوبيا إلى الموانئ وبين التزامها بالاتفاق المائي، ويدعو إلى مشروطية المساعدات الأميركية لضمان الامتثال. يواصل كذلك دعم استمرار الانتشار الأمني في الصومال مع تركيزه حصراً على مكافحة حركة الشباب، ويشدد على تكثيف الضغط المالي عبر العقوبات لتعطيل موارد التنظيم وتقليص قدرته على التجنيد والتمدد.

 

يخلص التحليل إلى أن سد النهضة يشكل إسفيناً بين شركاء حيويين في الحرب على الإرهاب، وأن غياب تسوية تفاوضية يهدد أمن منطقة شديدة الحساسية ويقوّض جهود احتواء جماعة شديدة الخطورة. يتحقق الاستقرار فقط عبر مقاربة شاملة تعالج جذور النزاع المائي وتعيد بناء الثقة الإقليمية، وتحافظ في الوقت ذاته على زخم التعاون الأمني ضد التهديدات العابرة للحدود.

 

https://nationalinterest.org/blog/middle-east-watch/how-the-nile-water-dispute-threatens-counter-terrorism-efforts